كتبت .ماهيتاب احمد عبد الباسط
فى مشهد فى فيلم الكارتون المفضل لنا جميعا “الفار الطباخ” عندما تحدى الناقد اللازع الرأى ” ايجو ” لينجوينى الشاب المدعى الطبخ وابن جوستو (الشيف الراحل المعروف الذى اطاح به ايجو فى تقييم له سابقا ) بطبخه فى مطعم جوستو وان تعجبه …..
عندها قرر الفأر الطباخ (ريمى) اعداد الخلطبيطة بالصلصله وهيا أكلة قديمة وليس بها اى ابتكار مما اثار حفيظة من يشاركونه الطبخ عن انها سوف تقضى عليهم وانها لن تنال اعجاب ” ايجو ” الا انهم رضخوا لرغبته لانه (الشيف) وتم طبخ “الخلطبيطه”….
وجاءت اللحظة التى حضر فيها الناقد اللازع وانتظر طبق التحدى ، ثم أحضروا له الطبق وابتسم باستخفاف من بساطة الطبق بالنسبة لكبر التحدى ، ثم تناول قضمة من الطبق واذا به يحبس انفاسه عائدا بالزمن للوراء متذكرا فى حنين عندما كانت تعد له أمه هذا الطبق فى المنزل الريفى المتواضع مع كثير من الحب والعطف، حتى انه نسى التحدى واكمل طبقه كاملا بشغغف وشهية وكانه عاد طفلا من جديد ..
قد تكون ابسط الاشياء واقلها تعقيدا هيا أهم الاشياء وانجحها على الاطلاق , قد يكون الماضى الذى تركناه ونسيناه هو كل ما سنحتاجه يوما ما للتقدم للامام ، قد يكون عدم محاوله ابهار من امامك هيا فى حد ذاتها منتهى الابهار ..
فى اعتقادى ان هذا المشهد عبقرى لانه مس كل منا بشكل ، فكان من الممكن ان يقوم الكاتب بابهار الناقد بطبق مبتكر وجديد وتنتهى القصه بالتصفيق له على ابتكاره ، لكنه اراد لنا التوقف للحظه عن رتم الحياة المتسارع ثم اخذ نفس عميق ومن ثم الابحار فى ماضينا ، ماضى نسيناه او تناسيناه ..
فى حقيقه الامر كل منا له خلطبيطته الخاصه ، رائحه او صوت او كلمة تعيده بالزمن ليبتسم أو يدمع أو حتى ياخذ نفسا عميقا مغمض العينين ..
لماذا نغلق ملفات الماضى وكأنها مرحله وانتهت بالرغم من انها من أهم اسباب نجاح أو فشل المراحل القادمة ، عندما تقوم وسائل الاعلام بعمل لقاء ما مع شخصية ناجحه ومعروفه فان من اساسيات الحوار السؤال الذى يظهر على انه سؤال مبتذل ، الا انه سؤال مهم جدا “ممكن تكلمنا عن طفولتك”، لا تستهونوا بهذا السؤال حقا ، فهناك من تحدى حتى اصبح ناجح لانه كان دائما مضطهد فى طفولته ، وهناك من نجح بسبب التشجيع والتربيه السليمة ، هناك من داق مراره الفقد و الحرمان فكانت له دافعا للعطاء ، وهناك من داق القسوة فكانت له حافزا للحنان والعطف..
فالتحيا الخلطبيطة بالصلصله من الماضى البعيد مادامت تومض لنا طريق مستقبلنا من حين لاخر …..