شيرين علام رئيس مؤسسة أوتاد:شعار “صنع في مصر” سبب انطلاقها إلى مجال ريادة الأعمال والعمل الحر:
شعار “صنع في مصر” سبب انطلاقها إلى مجال ريادة الأعمال والعمل الحر:
شيرين علام رئيس مؤسسة أوتاد:
الخوف من الفشل أكبر معوقات الإنجاز ، والفكرة المميزة تجلب تمويلها
- من الخطأ النظر لريادة الأعمال باعتبارها الحل الوحيد لكل مشكلاتنا
- علينا فتح أسواق للتراثيات المصرية حتى لا تنقرض هويتنا المهنية والحرفية
- أوتاد ليست مجرد وسيط بين أصحاب الفكر ومحترفي التطبيق، بل شريك داعم ورقيب نزيه
القاهرة : محسن حسن
“شيرين علام” واحدة من كثيرات حملن على عاتقهن مسئولية النهوض بالمرأة المصرية وبالشرائح الشبابية المهمشة مهنياً وتأهيلياً في المجتمع المصري، وقد بدأت رحلتها إلى عالم ريادة الأعمال من خلال قيامها بتصميم ملابس الأطفال رغبة منها في إنجاز منتج مصري 100%، وشيئاً فشيئاً قامت بتدشين خبراتها العملية والميدانية عبر مشاركاتها الفعالة وعملها الدؤوب في العديد من الشركات العامة والخاصة، ومن ثم أسست شركتها الخاصة، وقامت بإطلاق المؤسسة التنموية للسيدات المصريات للعمل الحر والمعروفة باسم “أوتاد”، والتي من خلالها استطاعت أن تقدم العديد من الخدمات الرائدة للمرأة المصرية الشابة ، وخاصة للقطاعات الجامعية المهملة، وعبر جهود مضنية حققت شيرين علام ما أرادته من بناء جدار الثقة بين المرأة المصرية من جهة وبين سوق العمل الحرفي والمهني والحكومي من جهة أخرى، ليس هذا فحسب، بل إنها تقوم عبر مؤسستها ببث روح القومية الإبداعية في مصر من خلال أحد برامج مؤسستها والذي يهتم بالحفاظ على التراث الحرفي والمهني المهدد بالزوال والانقراض من البيئة المصرية، لكل ذلك فهي تتقدم بخطوات واثقة نحو تحقيق أهداف كبيرة ومميزة في مجال ريادة الأعمال، وخلال السنوات القادمة ستنطلق “أوتاد” على يديها إلى آفاق أرحب وأوسع .. المجلة التقت “علام” بمؤسستها في منطقة المعادي بالقاهرة وأجرت معها هذا الحوار .
* بداية، ما الحلم الخاص الذي يدفع “شيرين علام” للعمل والإنجاز ؟
ــ في الحقيقة هو دافع أكثر منه حلم، فعندما أرى هذه الطاقات البشرية الخلاقة في بلدي غير مستغلة بالشكل الصحيح، أشعر بالرغبة في التغيير، وفي القيام بدوري كمصرية منتمية تحمل اسم بلدها، خاصة وأنني لا أعترف بالمستحيل، بل أجد أن الأفضل دائماً قائم وموجود وممكن فقط بشيء من التخطيط الجيد والعمل المخلص.
* لكن، هل كانت هناك نقطة تحول مفاجئة نحو ريادة العمال في حياتك؟
ــ لم أكن أتوقع يوماً أن تكون ريادة الأعمال هي شغلي الشاغل، لكن الذي أذكره أنه كانت لدى رغبة شديدة في رؤية منتج مصري مطبوع عليه شعار “صنع في مصر” خاصة بالنسبة لملابس الأطفال التي مثّلت بدايتي في مجال الأعمال، وكان لدى تساؤل ملح عن أسباب اختفاء التصاميم المبتكرة في المنتج المصري، وهذا مجملاً كان السبب المباشر في انتمائي لمجال ريادة الأعمال.
* برأيك هل نجحت ريادة الأعمال في حل مشكلات البطالة والأزمات الاقتصادية في العالم ؟
ــ ريادة الأعمال في كل العالم ــ وليس في مصر وحدها ــ ليست معنية بالقضاء المطلق على البطالة والأزمات الاقتصادية، فهي ليست الحل الجذري لمثل هذه المشكلات، لكنها تعمل على تقليل حجم البطالة والآزمات الاقتصادية وغيرها.
* كيف تقيّمين إذن مجال ريادة الأعمال الآن في السوق المصرية؟
ــ نحن لازلنا في مرحلة تطوير مجال ريادة الأعمال في مصر، ولا تزال السوق المصرية في حاجة ماسة إلى دعم هذا المجال، وإلى تصحيح النظرة المجتمعية له، فقد كان الأغلبية في مصر لا ينظرون لريادة الأعمال باعتبارها “مستقبل نجاح”، لكن الوضع الآن يتغير إلى الأفضل بالتأكيد؛ فقد أدرك كثيرون في مصر، أن ريادة الأعمال ليست مجرد بديل للعمل، بل هي عمل بالفعل، لذلك بدأت المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية تطمئن إلى مستقبل هذا المجال ومن ثم بدأت في دعمه، وهذا أمر مبشر وجيد.
* كيف جاءت انطلاقة مؤسسة أوتاد وما الفكرة من ورائها؟
ــ أوتاد أو “المؤسسة التنموية للسيدات المصريات للعمل الحر” جاءت كترجمة لإيماني العميق بقيمة العنصر البشري في الإنجاز والتغيير، وهي قناعات اكتسبتها عبر خبرات عملية في شركاتي وفي شركات أخرى عملت بها، ولأنني دائماً كنت أرى ــ ولا زلت ــ أننا كمصريين، موهوبون كثيراً، لكننا لا نعرف كيف نوظف مواهبنا أو نكتشفها، ومن هنا ظهرت “أوتاد” ككيان مهموم باكتشاف الطاقات وتوظيفها، بل ورعايتها.
* لماذا اختارت أوتاد التوجه لتنمية قدرات المرأة تحديداً؟ وهل للرجل نصيب في اهتماماتكم ؟
ــ في الواقع نحن لا نهتم بتنمية قدرات المرأة وحدها، ولكن بالشباب أيضاً، وسبب هذا الاهتمام أن هاتين الشريحتين كانتا مهمشتين ومعطلتين بحجة أنهما لا يمتلكان القدرة على بناء اقتصاد أو المشاركة فيه، هذا رغم أن العدد الأكبر دخولاً إلى الجامعة هن فتيات، وفتيات قادرات على العطاء والإنجاز لكن المجتمع لا يدرك ذلك، ولهذا انصب تركيزنا على هذا القطاع، ولكن بصفة عامة مشاريعنا متعددة ولا تستبعد الاهتمام بأية قطاعات أخرى كالشباب من الذكور أيضاً.
* لديكم برامج عديدة منها ما هو مخصص لرائدات الأعمال .. ماذا حققت هذه البرامج حتى الآن ؟
ــ نحن دائماً لدينا أهداف نعمل على تحقيقها في كل برامجنا، وأعتبر برنامج التوجيهي من البرامج المميزة لدينا؛ لأنه يربط بين المرأة الراغبة في خوض مجال ريادة الأعمال من جهة، وبين أصحاب وصاحبات الخبرة من جهة أخرى، مما يسهل عليها اكتساب الخبرة اللازمة عبر هذا البرنامج خاصة خبرات التواصل والقدرة على إثبات الذات.
* ما أهم المشكلات التي تواجه طبيعة عملكم دائماً وتحتاج لحلول من الجهات الرسمية في الدولة؟
ــ نحن حريصين على التواصل الفعال مع القطاعين العام والخاص، باعتبارهما مصدرين من مصادر اكتساب الخبرة والقدرة على الإنجاز، وهذا التواصل يذلل الكثير من العقبات والصعاب أمامنا وأمام المشاركين في برامجنا، خاصة بعد أن تغيرت النظرة لهيئات المجتمع المدني، وأصبحت فرصنا أكبر في تقديم عروض وأفكار وإبرام تعاقدات لإنجاز مشروعات عديدة، وأرى أن التحدي الأكبر الآن هو الارتقاء بروح المشاركة الجماعية وروح الفريق ليس مع هذين القطاعين فقط بل مع كل قطاعات المجتمع المدني، ويبدو أننا لا زلنا نعاني كثيراً من تراجع ثقافة العمل كفريق.
* باعتباركم مؤسسة غير ربحية .. هل تواجهكم صعوبات مالية؟ وكيف تتغلبون عليها؟
ــ التمويل دائماً ما يكون حاضراً سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، وهو لا يمثل مشكلة، خاصة إذا ما وجدت الفكرة التي تستحقه؛ لأن الفكرة المتميزة تفرض تمويلها، وعموماً لا يخول الأمر من تحديات تنافسية من حيث الخبرات المكتسبة وكيفية إنجاز الشراكة المناسبة لتحقيق أكبر المكاسب بأقل كلفة ممكنة.
* بوصفكم وسيطاً بين طرفين كيف تحافظون على المرأة والشباب من قيام أصحاب الخبرات باستغلالهم واحتكارهم والاستيلاء على حقوقهم؟
ــ نحن كمؤسسة وسيطة نقوم بدورنا الرقابي على أكمل وجه، كما أننا نقوم بالإشراف على أية تعاقدات بين طرفي الشراكة والعمل، وفي حال وجود أية تجاوزات أو سلوكيات سلبية فإننا نرصدها بدقة ونقوم بالتعامل معها بالطريقة المناسبة سواء بفسخ التعاقد أو بغيره من الإجراءات.
* ما أهم الحرف والمهن التي وجدتم إقبالاً عليها؟
ــ المرأة والشباب يعملان في كل الحرف والمهن تقريباً، ونحن لا نستثني أية حرفة أو مهنة، فالكل ضمن أولوياتنا واهتمامنا؛ لكن تبقى الحرف اليدوية والإنتاج اليديوي والمنزلي خاصة في أرياف وصعيد مصر، ضمن أولويات المرأة تحديداً باعتبارها الأنسب لكثيرات من حيث سرعة الإنجاز وقلة التكلفة ناهيك عن الاستقلالية وإمكانة العمل بالمنزل، ولأن هذه المهن اليديوية غارقة في المحلية فإن دورنا هو الوساطة والدعم لإبرازها في محيط جماهيري أكبر وأكثر استيعاباً.
* وماذا عن البحث العلمي والمشاريع الاجتماعية؟
ــ هذه أيضاً قطاعات يعمل بها الكثير جداً من الشباب والفتيات، ولكن توجد صعوبات وعقبات عديدة في هذا الإطار، لأنه حتى الآن ليس لدينا ما يسمى بـ “الشركات الاجتماعية” وأيضاً لا توجد قوانين تحكم هكذا نوع من الأعمال، أيضاً لدينا مشكلات كبيرة في مجال البحث العلمي والاختراعات، وهي مشكلات تسبب هروب الشباب واستقطابهم خارجياً، لذلك فنحن في حاجة ماسة لتكييف قانوني وتقنين مؤسسي مشجع لهذه الجوانب من الأنشطة، خاصة وأنها المنوط بها إحداث طفرة كبيرة في مجال الأعمال.
* هل هناك حرف ومهن وجدتم صعوبة في إقناع الناس بالعمل بها؟
ــ ليست صعوبة في الإقناع بقدر ما هي رفض من بعض أصحاب الأعمال أن تكون الفتيات الخريجات جزءاً من الموضوع؛ فمعظم الأعمال ذات الخلفية العلمية تواجه الفتيات خلالها تحديات كبيرة بسبب معوقات مصطنعة وظروف اجتماعية متعلقة بالأعراف والتقاليد كعمل الفتاة ليلاً مثلاً، إلى غير ذلك؛ فكثيرات يدرسن الطب والصيدلة والهندسة المدنية والبترول ثم لا يعملن بهذه المهن للاعتبارات السابقة، ولأنهن لا يجدن التشجيع المؤسسي الداعم لهن ولدورهن.
* بالتأكيد وجدتم سلوكيات سلبية لدى المرأة المصرية بخصوص تطوير عملها المهني .. ماذا عن هذه السلبيات؟
ــ أكبر السلوكيات السلبية التي واجهتنا وتواجهنا حتى الآن لدى قطاعات عريضة من الفتيات والشباب هي الخوف من الفشل، ورغم أن الفشل يعلمنا التخطيط وتقليل حجم الأخطاء وزيادة جرعات التفكير الواعي قبل الشروع في العمل، إلا أننا كمصريين نخشى الفشل إلى الدرجة التي تدفعنا إلى ترك كل الإيجابيات خوفاً من سلبية واحدة هي سلبية الخوف من الفشل.
* ما السر في هذا الخوف المرضي من وجهة نظرك؟
ــ في ظني أن السبب الأكبر هو قسوتنا الاجتماعية في الحكم على أية تجربة فاشلة، وسطوتنا في إظهار تلك التجارب على أنها قاصمة للظهر وليست دافعة للتكرار وإثبات الذات، كما أننا لا نهتم بتجارب النجاح مثل اهتمامنا بتجارب الفشل، ولعل الدليل على ما سبق مجملاً هو أن تجارب الفشل في الداخل تتحول إلى تجارب نجاح في الخارج، فالعلة مجتمعية بلا شك.
* ما أهم منجزات برنامج “ستارت مي آب” حتى الآن؟
ــ هذا البرنامج أولاً ساعد على ترجمة العديد من الأفكار المجردة لدى شركائنا من الشباب والفتيات إلى مشاريع فعلية وواقعية ناجحة، ثانياً كان هذا البرنامج سبباً في تحويل مسار كثيرين وكثيرات من خلال ما قدمه من خبرات عملية ساعدت كل هؤلاء في معرفة طبيعة ميولهم واكتشاف ما لديهم من مواهب ريادية، أيضاً كل من شارك في هذا البرنامج كان بإمكانه إلقاء كل مخاوفه وطرحها على مائدة الحوار والنقاش العملي والمفيد، وباالتالي تغيرت النظرة الذاتية والعملية إلى الأفضل.
* ما ملامح اهتمامات برنامج “أنامل” بالتراث الحرفي والمهني في مصر؟
ــ لدينا حرف ومهن تراثية عديدة مهددة بالانقراض والزوال، وأخرى في طريقها للهجرة، ولدينا تناقص مستمر في خبراء وحرفيي تلك المهن، كما أن هناك تباعداً بينهم وبين الراغبين في تعلمها واكتسابها، ولو لم نتكاتف جميعاً للنهوض بكل هذا فسوف ينقرض تراثنا وتتلاشى هويتنا، لذلك فنحن نوصي من خلال هذا البرنامج بضرورة فتح أسواق ومنافذ بيع للتراثيات أولاً للحفاظ عليها في ظل رحيل المبدعين فيها، وثانياً لإضافة بعد اقتصادي واستثماري يعوض الحرفيين ويرقى بهم، كما ونحذر من الترويج لتراثيات الآخرين على حساب تراثياتنا.
* هل نستطيع اعتبار برنامج “أيديا تو بيزنس” بنكاً للأفكار والمشروعات؟
ــ هو بالفعل كذلك، لكنه يستمد أفكاره من الشباب وإلى الشباب؛ فلدينا شباب مالك للأفكار مفتقد للتمويل والتخطيط، ولدينا شباب آخر يملك التمويل والتخطيط ويفتقد الأفكار، ومهمتنا هي مساعدة هؤلاء جميعاً على الالتقاء وبلورة الكيانات، ثم متابعتهم في أول ثلاث سنوات من عمر مشروعاتهم وحتى النضج والاعتماد على الذات.
* في الختام، هل هناك آلية تحرصين عليها كمديرة لهذه المؤسسة؟
ــ نعم بالتأكيد، نحرص على استهداف الصعب حتى وإن قلت فرص نجاحه، ولا نتوجه إلا للمجالات التي تحتاجنا بالفعل، كما نحرص على الجودة والتقييم المستمر وكذلك الوفاء بكل وعودنا والتزاماتنا.