بقلم. بسمه العدل
انا هحكي النهاردة عن جدتي لأمي و اللي كنت بعتبرها أمي التانية و اكتر حد حبني في الدنيا و ليها فضل و أثر كبير في حياتي و بركة من دعاها بعد مماتها ..
كانت ست اترملت و هي في أوائل التلاتينات من عمرها و ربت ٤ صبيان و بنتين بمراحل عمرية مختلفة اكبرهم كان اعدادي و اصغرهم لم تتجاوز شهور ..
كان ليها نصيب من اسمها ” ابتسام” فكانت ست بشوشة .. و كانت قوية و صبورة و محبة للحياة .. ?
كانت فصيحة اللسان و كانت مثقفة جدا علي الرغم انهم زمان مكنوش بيكملوا تعليمهم و لكن كانت دايما تقرا الجرايد و تعرف اخبار الدنيا و السياسة و حتي الكرة !
كانت شخصية اجتماعية من الطراز الأول تقدر تخلق حوار مع اي انسان مهما كانت صفته ?
وكانت كريمة لحد يشعرك انها تملك الدنيا و ما عليها و نضيفة الي أبعد الحدود ..
كانت بفطرتها السليمة النقية و روحها و قلبها اللي معجزوش رغم صعوبة و مشقة الرحلة ..
لكن الجانب الأبرز في شخصيتها كان حبها للصدقة بكل أشكالها..
علمتنا من غير متقصد لما كنا بنشوفها ازاي بتنفق .. بتنفق حب .. بتنفق كلمة حلوة و حنية و عطاء .. بتتطعم الطعام و الفلوس و الوقت و الصحة !
كان في واحد اسمه حسن اللي كان بيخد الزبالة و يمسح السلم .. اللي كان لازم تطلعله صنية الأكل من الموجود كله ..
و كان في واحد بيعدي في الشارع تحت البيت عنده اعاقة ذهنيه كانت دايما تشبكله الفلوس في مشبك و تحدفهاله و يمكن كانت تبقي آخر فلوس معاها !
لما كانت تركب تاكسي كانت تدي للسواق ما يعادل ٥ أضعاف اللي المفروض يخده وقته و كنا نعد نلومها و كانت تقول لله !
كانت دايما تروح الملجأ و تاخد للأطفال لعب بالجملة بالأكياس و اكل و فاكهة و تعد تأكلهم ..
أوقات مكنش يبقي معاها و لا عندها لكن كانت تطلع لحد اخر حاجة بنفس راضية و كرم بيخللي الحاجة بتزيد ببركة ربنا والله ..
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾
[سورة سبأ الآية: 39]
جالها كانسر سنه ٩٣ و عاشت بعده ١٤ سنه من غير متعرف و كانت حالة نادرة .. لحد ما رجعلها تاني و كانت كل مره تروح للدكتور يقولها انتي كويسة و قبل ما تروح البيت تكون متصدقه و بتحمد ربنا و هو منتشر في جسمها كله !
مخدتش كيماوي و لا اي علاج غير حبوب و متعبتش تعب شديد غير آخر ١٠ أيام قبل ما يتوفاها الله !
ماما و هي بتغسلها كانت بتقول انها كانت عبارة عن نور و شديدة البياض علي الرغم انها كانت قمحية البشرة ..
كانت الطهر و الرقي و النقاء و الحب و رمز العطاء منقطع النظير ..
الصدقة كانت برهان..
كانت فعلا صنائع المعروف تقيها مصارع السوء، كانت تطهير للنفس ..و رقي للروح ..
اللهم ارحمها و استرها تحت الأرض و يوم العرض عليك يا رب ..
اللهم اجعل صلاتها نور ..و صدقتها برهان .. و صبرها ضياء .. و القرآن حجة لها لا عليها ?
و اجعل كل صدقه و كل حاجة علمتها لنا في ميزانها يا رب العالمين..
اللهم اجمعنا بها في الفردوس الأعلي يا رب العالمين ?