الحضره
كتبت .ماهيتاب احمد عبد الباسط
من الوقت للاخر كانت تجتاحنى فكره حضور حفله من حفالات “عامر التونى ” فى ساقيه الصاوى ، ودائما ما انقر على زر سأحضر أو مهتمه لكل ايفنت له على الفيسبوك وأنا أعلم جيدا انى لن أحضر ، لاننى فى محافظه غير المحافظة أو لانى مشغوله لا أعلم,, تمر الايام والشهور بل والسنين على هذه الامنيه بالحضور، ثم تزوجت و أنتقلت الى القاهرة ومرت الايام بشكلها الجديد ودورى فى التأقلم على الحياه الزوجيه فتناسيت وأجلت بعض امنياتى الخاصه ، وفجأه ظهر أمامى على شاشه الموبايل وانا اتصفح الفيسبوك حفله للتونى فى الساقيه وكأنها تخبرنى ما عاد لكى حجه ، أخبرت زوجى برغبتى فى حضور هذا الحفل ، فى حقيقه الامر لم يعترض وان كان غير مهتم بهذا النوع من الفنون وقام بالحجز ونقرت أنا على اختيار سأحضر فى سعاده عارمه وأنا على يقين هذه المره أنى سأذهب . وجاء اليوم بعد أسبوع كامل كنت ارجوه أن يمر سريعا لاحقق امنيتى ، فقد كنت كطفله وعدها والدها بهديه اخر الاسبوع اريد ان احضر الحفل ،اريد تجربه هذا الاحساس الذى طالما قرأت عنه وسمعت من مريديه فتعجبت لاقوالهم ورايتها مبالغ فى أمرها لكن فى نفس الوقت قتلنى الفضول لاحكم بنفسى . تجهزنا ولا أعلم لماذا اخترت فى هذا اليوم أن أكون بسيطه، فالملابس تنوره الوانها بسيطه والقميص الابيض والطرحه الكحلى لا لمساحيق المكياج وحذاء ارضى ،فى حقيقه الامر لا اعرف السبب الرئيسى لاختيارى غير انى اريد أن أكون خفيفه . تأخرنا فى ايجاد مكان للسياره فالشوارع زحمة بشكل مبالغ فى امره ،اكره ان اضطر الخروج الى مشوار معين فى نهاية الاسبوع فى شوارع وسط البلد فى القاهره. حمدا لله وجدنا للسياره مكان ووجه زوجى ولسان حاله يخبرنى انها أخر مره سنذهب فى اخر الاسبوع الى وسط البلد، ممسكا بيدى فى خطوات سريعه ،دخلنا اللى الساقيه وصوت التونى قد ظهر لنا من بعيد معلنا عن تأخرنا عن معاد اللقاء ، ثم المسرح اخيرا واشار المسئول لنا عن اماكنا وجلسنا . على المسرح رجل خمسينى بلحيه بيضاء يشوبها قليل من السواد يرتدى جلباب ابيض فضفاض ولهله رايته حاف القدمين ولم يزده هذا الا وقارا ، وراءه فرقته الموسيقيه تستمع اليه فى سلطنه وكأنها تسمعه لاول مره , صوته رخيم عميق وكأنه يخترق الفؤاد فيهزه بكلمات عظيمه فى حب الله ولكن حب من نوع اخر ، فلا تعلم ايهما أعظم الصوت أم الكلمات فكلاهما يدخل الى القلب ويهزه ويظل عاكفا على هزه حتى يسقط كل ما فيه من هموم ومشاكل وماديه ويحل محله هواء نقى واحساس بخفه . ثم يترائى لنا ثلاثه شباب بتنانيرهم الملونه يتمايلون سكارى وماهم بسكارى يؤدون حركات لا تقل ابداعا ولا شغفا من الكلمات والالحان ، تاره يضمون ايديهم الى صدورهم فتشعر بالامان وتاره اخرى يرفعون ايديهم الى السماء فتشعر بالاستسلام ، خطفت نظره الى زوجى فرأيته مبتسما ابتسامه الانبهار وكأنه أحد المريدين الدائمين وليس أول مره . وجاء وقت الاستراحه فنزلنا الى ارض الواقع بعد مدح زوجى على التونى والاحساس الجميل ذهب ليحضر لنا القهوه ، جلست اتفحص الوجوه فتعجبت كثيرا ، ما هذا المزيج فهناك سيده اربعينيه يبدوا على هيئتها انها جائت بعد دوامها الحكومى هاربه من الزوج و الاولاد ، وهؤلاء مجموعه فتيات جامعيات يبدو عليهم انهم مغتربات فى السكن الجامعى لجامعه القاهره ، وهناك سيدتان ورجل يظهرعليهم مظهر الثراء وكأنهم حاضرين للاوبرا لحضور حفل بحيره البجع ، وغيرهم وغيرهم مزيج عجيب من البشر لا يجمع بينهم الا شئ واحد لافت للانتباه وهو ان معظمهم هذه ليست المره الاولى ولا حتى الثانيه لهم , وكأنهم وراء هذا الرجل اينما ذهب وكل مره . عاد بعد الاستراحه ، واخذ يشدو ويشدوا تاره يبتسم وتاره يبكى ومغمض العنين وكأنه لا يريد ان يرى احدا ، وترائى لى ان كل الحضور لا يلمسون الارض بل فى الهواء فلا جاذبيه الا جاذبيه الكلمات والالحان والتنوره ،واصوات تعلو من حين لاخر “الله الله” واخرى “الله يفتح عليك ياعم عاامر”. انتهت الموليه ولم ينتهى الاحساس ابدا ، المسرح على النيل فتباطئت فى الخروج حتى ارى نيل القاهره ليلا فنظرت واخذت جوله حتى شبعت . خرجنا من الساقيه ونحن نتناقش من ان هذا الرجل عظيم الصوت اخذنا الى منطقه اخرى فى عالم موازى مريح ولابد من الحضور له من حين لاخر لتصفيه الذهن والقلب ، واذا به امامنا ومعه الرجل والسيدتين فابتسمنا له وابتسم وفى بال زوجى وبالى صوره معه للذكرى ،فتباطئ وكأنه علم ما يدور فى خلدنا وصورتنا أحدى السيدتين واثنينا عليه ومضى ومضينا .. فى طريق العوده للمنزل انظر من النافذه فشوارع القاهره بعد الساعه 12 مختلفه وكأن بها سحر مع صوت عامر التونى الذى شغله زوجى من على هاتفه حتى لا نخرج من الحاله المبهجه .. ورجعت الى بيتى بيوم جميل واحساس راق وصوره اعتز بها و وعد لم يتحقق حتى الان فى حضور حضره فى حضره الاستاذ………..