رانيانيوز تحاور رائدة أدب الأطفال المصرية الدكتورة “عفاف طُبَّالة”
رانيانيوز تحاور رائدة أدب الأطفال المصرية الدكتورة “عفاف طُبَّالة”
تحفظت على تخصيص كتاب مباشر لتربية الأطفال جنسياً، وعدَّت الموضوع شائكاً!!
حاورها: محسن حسن
ارتبطت حياة الدكتورة(عفاف طبّالة)بحالة كفاح شديدة الخصوصية، بحيث نستطيع الجزم بأنها أعطت النموذج الأمثل لكيفية قيام المرأة المصرية والعربية بإثبات الجدارة وتحقيق الذات، حتى في أصعب مراحل العمر تحدياً ونضوجاً؛ فلم تكن لتكتفى بمجرد الحصول على شهادة الليسانس في اللغة الفرنسية وآدابها من كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم درجتى الماجستيروالدكتوراة في الإعلام من ذات الكلية، بل إنها بعد مشوارها الحافل بالدراسة النظرية، خاضت غمار العمل الإعلامي في مجموعة قنوات النيل المتخصصة، وبالتحديد كرئيسة لــ(قناة النيل للدراما) في الفترة من 1996 وحتى 2001 .
ولم تكن الدكتورة طوال هذه الفترة مكتفية بالمزج بين النظري والعملي في مشوارها العلمي والأكاديمي، إنما أمدت المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والدراسات الإعلامية والثقافية، وكذلك بكتابات للسيناريو، بل وبأعمال تسجيلية مارست خلالها دور المنتج والمخرج، وحصلت من خلالها على جوائز كثيرة في مهرجانات مختلفة منها أحد مهرجانات اتحاد الإذاعات العربية بتونس.
ثم لتتفرغ الدكتورة بعد ذلك لتحدٍ جديد من تحديات مشوار كفاحها، وهو التخصص في مجال أدب الأطفال، والذي نجحت فيه نجاحاً منقطع النظير، لتصبح إحدى رائدات الكتابة للطفل في مصر والعالم العربي، وذلك بشهادة الجهات المصرية والعربية والدولية المانحة للجوائز التي حصلت عليها ومنها مؤسسة (آنا ليندا) التابعة للبرنامج الإقليمي لأدب الأطفال العربي. من كتبها: أوراق قديمة، دوم تاتا دوم، البيت والنخلة، السمكة الفضية، وكتابات أخرى كثيرة، الجريدة أجرت مع الدكتورة هذا الحوار
*بداية دكتورة..كيف تقيّمين الإطلالة المتبادلة بينك وبين طفلك القاريء بعد سنوات من التواصل الحميم؟
ـ لو ما تقصده هو تجاوب الأطفال مع كتاباتي، فهناك أساليب ومؤشرات عدة للتعرف على وصول الكاتب لقارئه لعل على رأسها حجم المبيعات، وأعتقد أن حجم مبيعات كتبي- بالقياس للمناخ العام في مجتمعات معروف أن الأطفال فيها لا يقبلون على القراءة والأهل لا يتحمسون كثيرا لشراء كتب لأطفالهم- مُرضي؛ فما زال هناك إقبال على شراء كتب لي صادرة منذ أكثر من عشر سنوات. وبالطبع هناك قراء لا يظهرون على مؤشرات مبيعات الكتب وهم الأطفال الذين يقرأون هذه الكتب في المكتبات العامة ومكتبات المدارس وهم جمهور مهم لا يمكن إغفاله. ومن خلال لقاءات بهم في مراكز الثقافة وبعض المدارس وورش الحكي أمكنني التواصل معهم واستطلاع رأيهم في الكتب وكثيرا ما كانوا يفاجئونني بفهم واستيعاب لمضمونها لم أكن أتوقعه.
*يا ترى، ما المخزون الشعوري الجسور الذي تمكنت عبره من ترويض أدب الطفل إلى حيث تحلمين؟
ـ زادي الذي لجأت إليه في الكتابة، خاصة في البدايات هو ذكريات من فترة طفولتي التي مررت بها، وأضف إليها تجاربي مع أولادي وأحفادي؛ فكثير من كتبي ما هي إلا ما كنت أرويه لأحفادي للترفيه عنهم.
*في كتاباتك للطفل اخترت الجمع بين المطبوع للقراءة( الكتاب)والمطبوع للاستماع بصوتك(سي دي) لماذا يا ترى؟
ـ بدون شك أن المواد المرئية المسموعة أكثر اجتذابا للأطفال وحتى الكبار فهي أسهل في التلقي ولا تحتاج لمجهود مثل القراءة. وعادة القراءة يجب أن تغرس في الطفل منذ الصغر. ويزيد من مشكلة القراءة عندنا اختلاف اللغة الفصحى التي تكتب بها الكتب عن العامية التي يتحدث بها الأطفال. وتجربة عمل سي دي مرئي مسموع مصاحب للكتاب ما هي الا محاولة للتعامل مع هاتين المشكلتين. فهدفه جذب الطفل للكتاب من خلال وسيلة يحبها ويميل إليها. فبدلا من أن يكون هناك صراع بين الوسيلتين قمنا بعمل قران بينهما. ومن خلاله بالإمكان مساعدة الطفل على قراءة النص بالأسلوب الصحيح وتسهل عليه عملية القراءة بالفصحى التي قد تقف حائلاً وعائقاً أحيانا دون استمتاعه بالكتاب.
*كتابك(البيت والنخلة) تلمَّس طريقه نحو الطفل المراهق، ما الذي وجدته مَعلماً من معالم التحدي خلال إنجازه؟
ـ كتبت رواية البيت والنخلة بمعايير تتحدى كل المعايير التي يضعونها لكتب اليافعة. وقد أشارت حيثيات جائزة الشيخ زايد التي حصل عليها الكتاب في 2011 أنه”قدم خطابا أدبيا متطوراً يخرج عن السائد في كتابة أدب الطفل”. لم أخضع للمعايير التي تطالب بأن تكون موضوعاتها قوامها المغامرات و”الأكشن” باعتبار أنها الوسيلة للتشويق. قدمت نصا مشوقا يتناول أبعاد إنسانية واجتماعية وعاطفية. وقد تم اختيار الكتاب ليكون كتاب القراءة في أكثر من مدرسة.
*من وجهة نظر إعلامية متخصصة..هل نجحت قنوات الأطفال العربية في مهمتها؟ وما تحفظاتك بشأنها؟
ـ أغلب ما تعرضه هذه القنوات مواد مستوردة كرتونية تجارية. ولا يوجد إنتاج جاد على المستوى العربي. هناك محاولات كمحاولات القنوات المتخصصة في إنتاج الكرتون لكنها لم تستمر للأسف. وحتى المستورد لا يراعى فيه تنوع المصادر.
*كمربية ومثقفة وكاتبة للطفل..ما تقييمك للدعوات المنادية بتخصيص كتابات في التربية الجنسية موجهة للأطفال؟
ـ تناول الموضوعات الحساسة في كتب الأطفال ومن بينها التربية الجنسية، يحتاج لمهارات خاصة ويجب أن يستند على قاعدة معلومات ومادة تربوية موثوق فيها، ولكني أفضل تناول هذه الموضوعات بشكل غير مباشر متسربة بين موضوعات أخرى وليس بالضررورة أن يخصص الكتاب بكامله للموضوع.
*إلى أي حد يحتاج ذوو الاحتياجات الخاصة في عالمنا العربي لكتابات أدبية وطفولية موجهة برأيك؟ وماذا عنهم في كتاباتك؟
ـ هناك كتب موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة وكتب موضوعاتها عنهم وتستهدف القراء العاديين بهدف تعريفهم بهذه الفئة وكيفية التعامل معها. والنوعيتان نحتاجهما في كتب الأطفال. و”أنشودة العودة” واحد من كتبي التي تناولت فيها هذه الفئة؛ فبطلته صماء. وهو يخاطب كل ذي إعاقة أو نقص وليس بالضرورة الإعاقة البدنية، ويدعوهم بأن يكونوا أكثر إيجابية وأن يساعدوا أنفسهم ويحاولوا أن يندمجوا في المجتمع وينضموا للسرب ليحلقوا معه. وقد اختير هذا الكتاب ليكون في قائمة شرف المجس العالمي لكتب الأطفال 2018 IBBY
*مجموعتك القصصية(تراب السكة)هل ستكون استثناءً
في إبداعاتك دكتورة أم أنها بداية لتوجهات أدبية قادمة؟
ـ تراب السكة مجموعة قصصية للكبار لكن كثيرين يعتبرون رواية البيت والنخلة رواية ممتعة للكبار وليست فقط لليافعة. وأملي أن أتفرغ لكتابة رواية للكبار ملامحها تكاد تكون مكتملة في ذهني، وأرجو أن يسعفني الوقت!!
*في الختام، ماذا عن آخر كتاباتك؟ وكيف تنظرين لطبيعة الاحتكاك القائم حالياً بين أطفال العالم عبر الحضارات والثقافات المختلفة؟
ـ آخر ما كتبته هو رواية لليافعة بعنوان(فك شفرة) تتناول هذا الجيل الجديد الذي يجب أن نفهم أنه جيل مختلف علينا أن نفك شفرته لنفهمه، هذا الجيل الذي ولد مع تكنولوجيا الاتصالات الحديثة مختلف تماما عن الأجيال السابقة ويفصله عنها طفرات فهذه الوسائل ستسمح له بعبور الاختلاف بين الثقافات دون قيود وعلينا أن نتواضع ونفهم أن علينا أن نتعلم منه.