تحدي العشر سنوات – Ten years Challenge
كتبت – د. رانيا كمال علي
رئيس تحرير جريدة رانيا نيوز
كانت الدعوه لتحدى العشر سنوات دعوه مشوقه بحد ذاتها، ان تقوم بوضع صورتين يفصل بينهما عشر سنوات فتره ليست بالهينه، انه تاريخٌ قادرٌ أن يقلبَ موزاين كثيره. وبالفعل فقد تغيرت خرائط الكثير من البلدان؛ قامت ثورات الربيع العربي، وجاءت نتائجها سلبيه في كثيرٍ من البلدان، ولم تعد فلسطين والعراق وحدهما الجرح النازف في قلوبنا، بل انضمت لهما اليمن وسوريا، وحتى ان التغيير والثوره وصلوا الى فرنسا.
وان كانت هذه الدعوه مشوقه الا ان لها جانب آخر، وربما يكون هو المغزى الحقيقى للدعوه. انها دعوه لتراجع وتتأمل ما حدث بداخلك. من المؤكد انك قد تغيرت، ربما ملامحك لم تزل كما هي، ربما صرت أجمل أو أقبح، وحدها صورتك سوف تحدد ذلك. بينما ما حدث بداخلك وحدك انت من تعرفه، انها فرصه لتسافر عبر الزمن وتسترجع رحلتك.
انها رحله الغد الذي كان بعيداً وأصبح حاضراً. انها الأحلام الصغيره التي نحاول الهروب من الواقع من خلالها بعد الصفعات والهزائم التي نتعرض لها. انها رحلتك التي لا يعرف أحدٌ عنها شيئاً، وكيف ماتت روحك فى لحظات واستطعت استعادتها وانت تجابه مصاعب الحياه. انها معركتك مع الحياه. لا أحد يعلم سر سعادتك كم كافحت؛ ومالذى خسرته؛ انت وحدك تعرف ما الذى شعرت به، لا احد يستطيع ان يشعر بك وحتى لو شرحت لهم، فالمعركه كانت معركتك.
عندما تنظر الى صورتك، سوف ترى ما الذى حققته من احلام، وستتذكر ان اشياءاً كثيره لم تعد تعني لك شيئاً. سوف تشتاق الى نفسك القديمه التى لن تعود. لقد تغيرت؛ نعم، تغيرت. حدث هذا ربما ببطء، ولكنه حدث. وكما يقول أحمد خالد توفيق “ببطء، لكن بثبات، وبنفس الطريقة التي يحول بها الخريف شكل الغابة، حولتني آلاف التغييرات الصغيرة إلى شخص آخر”. ولكن يتبقى لديك الابتسامه، والخيال، وبعضٌ من المساحات البيضاء والأوراق الملونه.
أما على الصعيد الآخر، سنجد ان هناك نوعان من البشر: الأول لم تغيره الظروف، فيظل يحبنا بكل ما نحن عليه، ويدعمنا ويمد يده الينا كلما اوشكنا على السقوط. أما النوع الآخر فقد تغيروا كثيراً، لم يعدوا كما عرفانهم، وهنا يحضرني كلمات الشاعر الكبير سيد حجاب: “لما تتلاقى الوشوش مرتين عمر الوشوش ما بتبقى بعد السنين، نفس الوشوش دي بتبقى شيء تاني”. اننا لا نستطيع ان نلومهم في مثل هذه اللحظات، ولكن سنتمنى لو اننا لم نقابلهم مرةً اخرى، وستكون “يا ليت” هي الكلمه التي في قلوبنا نحوهم، لأننا في تلك اللحظه فقدنا الصوره الجميله التي رسمناها لهم والتى كنا نستعين بها فى مواجه خيبات الامل.
فشكراً جداً لمن أحبونا بالرغم مما نحن عليه، وأعرف انكم لا تريدوا الشكر، ولكن بقلبكم الكبير إستطعتم أن تضيئوا لنا النور.
وفي النهايه لا يسعني سوى أن أقول: “انظر الى صورتك بقلبك لا بعينك، فإن العين تخطئ أحياناً”.
وإلى أن نلتقي مع حديثٍ آخر …
دمتم بخير،،،
صورة غلاف المقال بريشة أختي الصغيره المهندسه/ رولا كمال علي. إنها من أجمل الهدايا التي تلقيتها في حياتي لأنها من عمل اليد، ومبذول فيها جهد من القلب … أحبك جدااا رولا.