فكر وادب ولغه

أبن البك

قصة قصيرة

تأليف علية مصطفى خضر

ابتعد عن طريقي من فضلك قال:” وحشتيني” قلت:” ابتعد” لماذا تهربين مني ولا تردي على الهاتف؟
أجيبيني: ألم تفتقدي سماع صوتي؟ ومايحمله من شجن كما كنت تقولين”
علا صوتها ابتعد وبدأ من بالمكان يلاحظون وينظرون فخاف، وانسحب تجنباً للمشاكل.
أما هي فدفعت عربة ابنها أمامها تجرها مع أذيال الخيبة التي تحملها على أكتافها.
فقد كانت تحبه وكان حلم حياتها، وعندما قال:” لها أتتزوجيني”؟ كاد العقل أن يطير منها، وطارت في الهواء من فرحتها وصرخت بأعلى صوتها لم أسمع أعد كرر قولها ثاني من فضلك، وكاد القلب أن يتوقف منها فهو ابن(رامز بك)! وما أدراكم من هو رامز بك؟ في زمن الإقطاع كان جده الكبير هو مالك كل هذه الأرض، وبعد ثورة يوليو 1952، وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي تقلصت المساحة، ووصلت لهذه المزرعة البسيطة، ولكن لم تتقلص (عنجهية) رامز بك فهي إرث كما الأرض.
لذلك عندما حاول( المعز) هذا اسم من كان حبيبها بل مازال حبيبها مالك فؤادها حتى لو أظهرت غير ذلك فهو ساكن قلبها يتوسد حناياه رغم عذابه لها.
فقد حاول أن يصل إليها مثل من هن قبلها، ولكنها صدته بل لم تنظر إليه.
فخلبت لبه بجمالها وأدبها فلم يتعود ابن الحسب والنسب والجاه والمال على التجاهل والصمت الرهيب، وتقدم خاطباً لها، ورفضه أهلها فهم يخافون على أبنتهم الوحيدة من حفيد البك كما ينادونه، ولكنه لم ييأس ووسط عمدة البلد، ورفض المرة تلو المرة، ولم يوافق أهلها إلا بعد ذبولها ، وذهاب نضرتها وخوفاً على حياتها فقد تعلقت بحبه، ولم تبح به فالعادات والتقاليد تمنع تصريحها حتى لو كان فيه موتها، وخشيت أمها عليها وطلبت من أبيها الموافقة عليه كخطبة

وقالت:” له أمام أعيننا وأعين الناس أفضل لنا” فوافق مضطراً لا مرحباً وتم الاحتفال بالخطبة، وظنت (ثناء) أن الحياة ابتسمت لها (فمعز) ابن البك متيم بها، ولكن هيهات أن يرضى أبواه بها ولا يرتبط بمن مثله في العز والجاه والحسب والنسب، وظلا يخططان لإفشال هذه الزيجة (والمعز) يتمسك بها، وتم تحديد موعد الزفاف رغم أنفهما، وتعليق الزينات والأنوار كما هي عادات أهل الريف عندنا، ونصب الموائد العامرة في كل أنحاء القرية، فاليوم زواج البك إبن البك، ورقصت الخيول وأعلن المزمار البلدي عن فرحتهما، وجلست العروس في أبهى زينتها فقد ابتاع ( المعز) لها فستان من( سان ديور) باريس، وجلست والحسد ينتشر حولها كالنار في الهشيم من رفيقاتها فكل واحدة منهن تتمنى أن كان لها، ولم تفق إلا على صرخة من أمها وهي تلطم خديها ( يافضيحتنا ليه عمل كده) ماذا فعل؟ ومن فعل أمي أرجوك؟ قالت:” المعز هرب سافروترك الفضيحة لنا” وكاد قلبها يتوقف عن النبض عندما سمعت أبيها يقول:” لمأذون البلد (الشيخ عطية) أكمل كتب الكتاب مولانا” ماهذا كيف هرب المعز وكيف يقول أباها هذا؟
لقد تلخبط عقلها وكاد يجن، وهنا أفاقت على أكبر صدمة في عمرها فمن كان أبوها يكتب كتابها عليه هو(مرزوق) أبن عمها من تقدم لها سلفاً ورفضته لانشغال قلبها بالمعز فقد أنتهز الفرصة وتقدم لإنقاذ عمه وأبنة عمه كما قال لهم ووافق أباها إنقاذاً للموقف وتم نحرها ليلة عرسها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى